جميعنا نعرف من هو النبي سليمان ، قاهر الجن ، هو سيدنا سليمان ابن سيدنا داود عليهما السلام ، وقد بعثهما الله إلى بني اسرائيل الذين أسرفوا في الأرض كثيراً ، وكان النبي داود عليه السلام رحيماً جداً بشعبه ، ولكن وافته المنية ليتولى الحكم على نبي إسرائيل من بعده سيدنا سليمان ، والذي اشتهر بالورع والتقوى منذ الصغر ، واستطاع أن يحكم شعبه كما كان والده يفعل تماماً ، كما أن الله منح سيدنا سليمان القدرة على التحكم في جميع المخلوقات التي خلقها الله ، من حيوانان وبشر و نباتات ، والجن أيضاً ، فقد كانت الجن تخاف سيدنا سليمان كثيراً، وهذه الميزة لم يعطها الله لأحد من بعده أبداً ، كما أنه كان بقدرته أن يؤدب الجن ، وأن يتعامل معها كما يريد هو بأمر من الله عز و جل ، كما أنه سخر الجن لخدمته ، والتي كانت تقوم بفعل كل ما يريد ، فقد كانت تبني له البيوت وتشيد القصور ، وتجلب الطعام ، وكانت تحت إمرته وخدمته ، كما أن الرياح كانت مسخرة لتسيرة وفق رغبات وطلبات سيدنا سليمان ، وقد استفاد سيدنا سليمان من هذا الأمر بالحروب التي كانت تقام في عهده .
وفي فترة من حكمه ابتلاه الله عز و جل بمرض لا شفاء له ، وجابت الطيور تبحث له في كل أنحاء العالم عن علاج لهذا المرض ولكن لم يجدوا له علاج ، وجلس في مكانه يسبح الله ويذكره دائماً حتى شفي من مرضه بأمر من الله عز و جل ، وقام من جديد ليحكم شعبه .
وجميعنا نعلم قصة النملة مع سيدنا سليمان ، فقد وهب الله سيدنا سليمان القدرة على التحدث مع الحيوانات وفهم لغتها حتى الصغيرة منها ، وبذلك كان في يوم من الأيام ذاهباً للحرب والقتال ، وقد جمع معه حشد كبير من الحيوانات الضخمة من أجل القتال ، وفي أثناء الطريق سمع نملة تنادي على النملات الأخريات وتقول لهم هيا بنا نختبئ حتى لا نموت من دعس جيش سليمان علينا ، وعندما سمعها سيدنا سليمان ضحك وأمر الجيش أن يغيروا الطريق إلى طريق آخر بعيداً عن بيوت النمل .
وكان حال سيدنا سليمان كحال جميع الأنبياء الذي سبقوه والذين لحقوا به ، فقد جاء داعياً لعبادة الله عز و جل من أجل نيل ثوابه ورضاه ، وحاول أن يشتغل جميع القدرات التي أعطاها الله له من أجل نشر الدعوة لعبادة الله ، ويظهر ذلك واضحاً في قصة الهدهد الذي غاب عن الجيش ، وعندما عاد أخبر سيدنا سليمان عن أمر الملكة بلقيس والتي تجعل الناس يصلون للشمس ، فأمر سيدنا سليمان جيشه أن يجهزو نفسهم من أجل إقامة حرب على هؤلاء القوم ، ولكن قامت الملكة بلقيس بإرسال الهدايا إلى سيدنا سليمان على أمل أن يعود عن الفكرة التي يريدها ولكنه أصر ، فإذا بها تأتي له معلنة إسلامها .
وعندما مات سيدنا سليمان مات كما هو جالس ، وبقي على هذه الحال مئات السنين ولم تكن الجن تعلم بذلك إلى أن اكلت دودة الأرض عكازه فسقط على الأرض ، فعرف الجن أن سيدنا سليمان قد مات ، وكانت الجكمة من هذا الأمر هي أن يوضح الله للناس فكرة أن الجن لا يعلم الغيب .