المركبة الفضائية أو السفينة الفضائية :هي مركبة أو كبسولة مصممة للطيران في الفضاء، وتستعمل في عدة استخدامات منها رصد ومراقبة الأرض واستكشاف الكواكب الأخرى بالإضافة إلى نقل رواد الفضاء ومعداتهم. كما يتم إرسال بعض المركبات الفضائية الآلية لجمع عينات من المواد المكونة للأجرام الفضائية قصد دراستها...
يمكن تقسيم المركبات الفضائية إلى نوعين:
1 - المركبات الفضائية غير المأهولة وهي المركبات التي تعمل بشكل آلي وتم بناؤها لأهداف معينة مثل نقل الأقمار الاصطناعية ووضعها في مدارها أو المركبات التي تستخدم بغاية الاستكشاف العلمي البعيد عن الأرض مثل المركبات الاستكشافية التي هبطت على كوكب المريخأو التي قامت بمهمات حول كوكب المشتري.
2- المركبات الفضائية المأهولة وهي المركبات التي تحمل البشر )رواد الفضاء( مع معداتهم من الأرض إلى وجهاتهم في الفضاء. وكمثال على تلك المركبات نذكر المركبة الفضائية الأمريكية أبولو 11 التي نزلت على القمر وبداخلها رائدي فضاء هما نيل أرمسترونغ)neil armstrong( و باز ألدرين)buzz aldrin(، والمركبة الفضائية السوفياتية فوستوك 1)vostok1( التي حملت أول إنسان في مدار حول الأرض وهو يوري جاجارين)yuri gagarin(.
لا يمكن وصف المركبات الفضائية أو بنياتها بشكل عام لأن 90% من المركبات لا تشبه بعضها فكل واحدة تصمم بشكل خاص يتناسب مع المهمة التي ستقوم بها، ولكن مع ذلك فهي تشترك في بعض الأمور اللازمة لأي مركبة وهي احتياجها لـ:
- ألواح شمسية تحول الطاقة الشمسية إلى الكهرباء اللازمة لتشغيل وظائف المركبة.
- خزانات الوقود للتحريك، أو مفاعلات نووية صغيرة.
- كامرات الرصد والمراقبة.
- معالجات حاسوب عالية الجودة ببرمجيات ذكية.
- أدوات استقبال وإرسال للبيانات )قصد البقاء على تواصل دائم بالأرض(.
إطلاق مركبة فضائية
ينطوي استكشاف الفضاء على تحديات فنية كبيرة، ولذا ينبغي أن تطلق المركبة الفضائية وفق سرعة اتجاهية معينة )سرعة ذات قيمة واتجاه(. وإذا كانت مركبة الفضاء تحمل طاقمًا من الملاحين، فلابد لها أن تكون قادرة على إبطاء سرعتها كي تهبط بسلام، ويمكن تقسيم مراحل الرحلة كالآتي:
تجهيز المركبة الفضائية
تبنى المركبات الفضائية في مصانع خاصة تتمتع بأقصى درجات النظافة. فالقليل من التلوث يمكن أن يتسبب في إحداث خلل يؤدي بدوره إلى عطب في معدات المركبة. وتنقل المركبة بعد ذلك إلى موقع الإطلاق بشاحنة أو بارجة أو قاطرة أو طائرة، وهناك يجمِّع الطاقم المركبة ويختبرها للتأكد من كفاءة أدائها. وعندما تصبح المركبة جاهزة تمامًا للإطلاق ينقلها المختصون مع الصاروخ إلى منصة الإطلاق بواسطة شاحنة متصلة بمنصة ضخمة مخصصة لهذا الغرض، حيث يتم وضعه فوق حفرة من اللهب. ويزود العاملون الصاروخ بالداسر بوساطة أنابيب خاصة.
التغلب على الجاذبية
هو أكبر معضلة تواجه السفينة الفضائية. لذا يتم تتجهيز صاروخ قوي يطلق عليه اسم مركبة إطلاق المركبة الفضائية على التغلب على الجاذبية. ولكل مركبة إطلاق جزءان أو أكثر، تسمى المراحل. ولابد أن تبذل المرحلة الأولى قوة دافعة تكفي لرفع المركبة الفضائية من على سطح الأرض. ولتقوم المركبة بهذه المهمة بفاعلية، فإن القوة الدافعة للمعزز يجب أن تفوق وزنه. وتزيد القوة الفائضة ـ وهي القوة الدافعة مطروحًا منها وزن المركبة ـ سرعة المركبة الفضائية وترتقي بها في السماء. ويولد المعزز القوة الدافعة بحرق الوقود ونفث غازات إلى خارج المركبة. أما محركات الصاروخ، فتعمل بوقود خاص يسمى الداسر. ويتكون الداسر من وقود سائل أو صلب ممزوج بمؤكسد. والمؤكسد مادة توفر الأكسجين اللازم لحرق الوقود في منطقة انعدام الهواء في الفضاء الخارجي. ويستعمل الأكسجين السائل مؤكسدًا بصفة عامة.
ويطلق على السرعة الدنيا المطلوبة للتغلب على الجاذبية والبقاء في الفضاء السرعة المدارية. وعند درجة تسارع مقدارها 3ج، أي ثلاثة أضعاف تسارع الجاذبية، تصل المركبة لسرعتها المدارية في تسع دقائق. وعند ارتفاع 190كم تساوي السرعة المطلوبة لتحافظ المركبة الفضائية على سرعتها المدارية، وبالتالي البقاء في المدار، حوالي 8كم/ الثانية.
إنطلاق المركبة الفضائية
عند الإطلاق، تشتعل محركات مرحلة الصاروخالأولى حتى تفوق قوتها الدافعة وزن الصاروخ. وتجعل القوة الدافعة الصاروخ يرتفع مبتعدًا عن منصة الإطلاق. وإذا كان الصاروخ من النوع الذي يتكون من عدة مراحل، فإن المرحلة الأولى تنفصل عنه بعد استخدام الداسر مباشرة. وتبدأ المرحلة الثانية في الاشتعال لعدة دقائق تنفصل بعدها عند نفاد الداسر. وفي بعض الحالات تبدأ مرحلة الصاروخ العليا الصغيرة في الاحتراق حتى تتحق السرعة المدارية.
وتختلف طريقة إطلاق مكوك الفضاءقليلاً عن باقي المركبات الفضائية. فمكوك الفضاء لديه معززات صلبة الداسر، بالإضافة إلى محركات الصاروخ الرئيسية التي تحرق الداسر السائل. وتعطي المعززات والمحركات الرئيسية القوة الدافعة اللازمة لانطلاق الصاروخ من منصة الإطلاق. وبعد مرور دقيقتين أو أكثر، تنفصل المعززات من المكوك وتعود للأرض بوساطة مظلة. وتستمر المحركات الرئيسية في الاشتعال حتى يصل المكوك إلى سرعته المدارية. وتساعد محركات صغيرة أخرى المكوك على الوصول إلى سرعته المدارية.
وتعمل المركبة الفضائية على تشغيل صاروخ آخر، يساعدها في الارتقاء إلى ارتفاع أعلى. وعندما تصل المركبة الفضائية إلى سرعة تزيد عن 40% من السرعة المدارية، فإنها تكون قد حققت سرعة الانفلات، وهي السرعة اللازمة لتكون بمنأى عن الجاذبية الأرضية.
العودة إلى الأرض
تصاحبها مشكلة تقليص سرعة المركبة الفضائية الهائلة. ولتحقيق ذلك تستخدم المركبة الفضائية المدارية صواريخ صغيرة تعيد توجيه مسار المركبة إلى طبقة الغلاف الجويالعلوي. وتسمى هذه العملية الاستخلاص من المدار. وتوجه المركبة الفضائية العائدة للأرض من القمر، أو من أي كوكب آخر، مسارها أيضًا، لتنزلق بخفة على طبقة الغلاف الجوي العلوي، وعندئذ تساعد مقاومة الهواء على إبطاء سرعة السفينة.
يعتقد كثير من الناس خطأ أن المركبة الفضائية تتعرض للحرارة العالية جراء احتكاكها بالهواء. وقد ثبت فنيًا أن هذا الاعتقاد ليس صحيحًا، لأن الهواء رقيق جدًا، وسرعته على سطح المركبة الفضائية ليس كافيًا لإحداث مثل هذا الاحتكاك الهائل، وما يسبب هذا الارتفاع في حرارة السفينة هو تأثير السرعة الفائقة المصاحبة لعودة المركبة من الفضاء إلى الغلاف الجوي على عدم تدفق الهواء خارج مسار المركبة المندفعة بالسرعة الكافية. وبدلاً عن ذلك تتجمع جزيئات الهواء أمام المركبة وتنضغط بإحكام، ويرفع هذا الانضغاط درجة حرارة الهواء إلى أكثر من 5,500°م، أي أن الهواء يكون أسخن من سطح الشمس. وتحرق هذه الحرارة المتولدة المركبة الفضائية غير المجهزة تجهيزًا جيدًا في ثوان. ولحماية المركبة الفضائية من هذه الحرارة يغطى سطحها الخارجي بواق حراري يتكون من ألواح عازلة من ألياف المرو )الكوارتز(. وتستخدم بعض المركبات أنظمة للتبريد. وكانت المركبات الأولى تستخدم دروع تخوية تمتص الحرارة وتخترق طبقة إثر أخرى وتتبخر.
تتراوح قوة إبطاء سرعة المجسات الفضائية غير المأهولة بين 60 و90ج، أي بين 60 و90 ضعف سرعة الجاذبية، في زمن يتراوح بين 10 و 20 ثانية. وتستخدم مكوكات الفضاء أجنحتها للانزلاق فوق الغلاف الجوي، وتمدد فترة تناقص سرعتها إلى أكثر من 15 دقيقة، وبالتالي فإن قوة إبطاء سرعتها تصل إلى 1,5ج.
وعندما تفقد المركبة الفضائية معظم سرعتها أكثر، فإنها تتهادى ساقطة خلال الهواء. وتعمل المظلات على تخفيف سرعتها أكثر. وفي بعض الأحيان يتم إشعال صاروخ صغير في الثواني الأخيرة ليخفف من الآثار الناتجة من عملية الهبوط. وتستخدم بعض المركبات والمكوكات الفضائية أجنحتها لتنحدر في المدرج وتهبط مثل الطائرات تمامًا. وكانت الكبسولات الفضائية الأمريكية الأولى تستخدم وسائد مائية تهبط بها في المحيط.