السَّببُ في أنَّ الأرض تدورُ حول نفسها يعود إلى كيفيّة نشأة كوكب الأرض نفسه. وُلدت الأرض قبل مدّة 4.6 مليار سنة من سديم كبير، والسَّديم - في علم الفلك - هو سحابةٌ عملاقة من الغاز والأتربة تَسبحُ في الفضاء، وبمُرور الوقت تتقاربُ الجُزيئات الصَّغيرة الموجودة في هذه السّحابة بسببِ قُوى الجاذبيّة المُتبادلة التي تُؤثّر عليها، فتتحوَّل إلى تكتُّلات صغيرة يُصبح كلُّ واحدٍ منها سحابةً كثيفةً تحملُ ما معها من الأتربة والجزيئات الأُخرى. وفي الواقع، 99% تقريباً من تلك السَّحابة اجتمعَت في كتلة واحدة هي الشّمس، وأما الأرضُ )وسائر الكواكب( فهي وُلدت من بقايا الأتربة والصّخور التي ظلَّت موجودةً حول الشّمس بعد ولادتها. بعد بعضِ الوقت تكوَّنت سحبٌ ترابيَّةٌ صغيرة خاصَّة بما أصبح لاحقاً كلَّ واحدٍ من الكواكب، ووسط هذه السُّحب، تصادَمت جُزيئات الأتربة مع بعضِها فبدأت بالاندماج لتُكوِّن كُتلاً أكبر حجماً وأكثر كُتلةً، وفي النّهاية، لم يبقَى سوى بضعُ كتلٍ صخريَّة عملاقة وُلِدَت الأرضُ عند تصادمها مع بعضها واتِّحادها في جسمٍ واحد. ]٥[
بعد ولادة الأرض، ظلَّت كُلُّها مَشحونةً بطاقةٍ حركيّة كبيرة ناتجة كيفيّة تكوُّنها، فتتصادمُ جزيئات التّراب والصّخور التي شَكّلت الأرض مع بعضِها كان يُولِّد زخماً، وهذا الزّخم ما زالَ يدفعُ بالأرض للدّوران حول مِحورها إلى الآن، إذ لا تُوجد طريقة لتبديده في الفضاء. وتُوجد عوامل إضافيَّة تُساهم في دوران الأرض، أهمُّها قوى المدّ والجزرالخاصَّة بالقمر التي تُساعد على إعطاء كوكب الأرض زخماً إضافيّاً للدّوران حول مِحوره. ولدوران الأرضِ دورٌ أساسيّ في إعطائها شكلها الكرويّ، وهو أيضاً يجعُلها مُنبعجة قليلاً عند خطّ الاستواء. ]٥[
تفسيرُ دوران الأرض حول الشّمس
تُوجد عوامل كثيرةٌ مُعقَّدة لها دورٌ في دوران الأرض )وسائر الكواكب الأخرى( حول الشّمس، وهذه الأسبابُ مُشتركة في جميع حركات الدّوران الفلكيّة؛ فهيَ أيضاً تُفسّر دوران القمر حول الأرض، ودوران الشّمس حول مركز مَجرّة درب التبّانة، والسَّببُ الأكثر بساطة وأهميّة في هذه الحركات هو قوَّة الجاذبيّة التي تربطُ بين هذه الأجسام؛ فمثلما تجعلُ جاذبية الأرضالأشياء تسقطُ نحو سطحها، تُؤثّر الشّمس أيضاً بقوة جاذبيّة شديدة على الأرض، وكي لا تسقطَ الأرض نحو الشّمس بخطّ مُستقيم وتصطدم بها فإنَّ عليها أن تستمرَّ بالحركة، والمسارُ الدائريّ - وبالأدقّ البيضاويّ - يسمحُ لها بتجنُّب السّقوط نحو الشّمس، حتى ولو كانت عاجزةً عن الإفلات من مجال جاذبيَّتها.
لا يوجد حالياً أي تعليق