الفصل الأول آداب المعبر وتمييز الرؤيا ومعرفة أصولها

بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على النبي الامي وعلى اله وصحبه وسلم اما بعد فالحمد لله حمدا كثيرا طيبا مبارك فيه رحلتنا هذه هي تفسير الاحلام لابن سيرين منقوله من كتاب تعبير الرؤيا وتفسير الاحلام مبوبة الى 25 بابا فسنحاول بقدر الامكان ان نكمل الكتاب دون كل او مل باذن الله تعالى فالنبدا باول فصل الا وهو "اداب المعبر وتمييز الرؤيا ومعرفة اصولها "
اعلم وفقني الله واياك ان الرؤيا لما كانت من ستة واربعين جزءا من النبوة لزم ان يكون المعبر عالما بكتاب الله حافظا لحديث رسول الله خبيرا بلسان العرب واشتقاق الالفاظ عارفا بهيئات الناس ضابطا لاصول التعبير عفيف النفس طاهر الاخلاق صادق اللسان ليوفقه الله لما فيه الصواب .
فإن الرؤيا قد تعبر بإختلاف احوال الازمنة والاوقات ،تعبر من كتاب الله وتارة تعبر من حديث رسوله الكريم وتارة تعبر من المثل السائر ،وربما صرفت عن الرائي الى نظيره او سميه ، وقد تؤول مرة من لفظ الاسم ومرة من معناه ومرة من ضده ومرة من اشتقاقه ومرة بالزيادة واخرى بالنقصان .
فأما التاويل من القران فكالبيض يعبر عنه النساء وذلك في كتابه الكريم ( كأنهن بيض مكنون )وكالحجارة يعبر عنها بالقسوة لقوله تعالى (ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) وكاللحم الطري يعبر عنه بالغيبة لقوله تعالى (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتآ فكرهتموه ).
وكالمفاتيح فإنه يعبر عنها بالكنوز لقوله جل وعلا (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة )فتتزايدف أمواله لأن الكنوز لا يتوصل لها إلا بالمفاتيح ،وكالسفينة يعبر عنها بالنجاة لقوله جل شأنه(فأنجيناه ومن معه في الفلك)وكالملك يرى أنه دخل دارا او بلدة او محلة ولا عادة له بالدخول اليها يعبر عنها بحلول مصيبة او ذل ينال اهل ذلك الموضع لقوله جل وعلا (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة )وكالباس يعبر عنه بالنساء لقوله تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن )وأشباه ذلك كثيرا .

نواصل في موضوعنا السابق الا وهو اداب المعبر وتمييز الرؤيا ومعرفة اصوله .
واما التاويل من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكالغراب يعبر عنها بالمرأة الفاسقة لقوله صلى الله عليه وسلم الفارة فاسقة وسماها فويسقة ،وكالضلع يعبر عنه بالمراة ايضا لانه صلى الله عليه وسلم قال :المراة خلقت من ضلع اعوج واسكفة الباب السفلى اي عتبته يعبر عنها بالمراة لما روى عن خليل الله ابراهيم عليه السلام قال لولده اسماعيل غير اسكفة بابك يعني زوجته .
ورجل يرى انه يدخل قبرا فانه يجسن او يرى انه يسجن في موضع مجهول فإنه قبر اذا لم يخرج من ذلك الموضع ،ومثل الحرب يعبر عنه انه قد تهجم وانه راى عدوا هجم فانه سيل يسيل ،ومثل الجراد يعبر عنه انه جند والجند جراد ، واما الجواد فيعبر عنه بمال مكنوز ما لم يسمع معه قهقهة فهو خصومه وفي الشعر انه مال وزينة فان سال على الوجه او على الخد فهو غم وقيل انه كسوة فان كان مكفوفا فهو كلام سوء ويرمى به ولا يقدر على دفعه ومن راى ان دله ريشا وجناحين فان طار بهما سافر ومن راى ان يده قطعت فاحتملها وبقيت معه فهو اخ او ولد يستفيده فان فارقت فهي مصيبة له في اخ او ولد وفي المريض يرى انه صحيح يخرج من بيته ولا يتكلم وان تكلم يبرا وفي المقامات انها نساء غير عفيفات ما لم تختلف الوانها وكانت بيضاء وسوداء فهي الايام والليالي  وفي السمك ان عرف عدده فهم نساء وان لم يعرف فهو مال وغنيمة واما اختفلاف الناس وهيئاتهم فقد تختلف الرؤيا باختلاف ذلك مثل الرجل يرى انه مغلول اليد والعنق فان كان سيماه الخير والدين فهو صلاح في حقه واجتناب المعاصي والفساد وان كانت سيماه ضد ذلك فهو كثير المعاصي من اهل النار واما اختلاف الاوقات فمثل الرجل يرى انه راكب فيلا فان كان ذلك ليلا نال امرا جسيما كامل المنفعة وان كان نهارا طلق زوجته .
فصل :واصدق اوقات الرؤيا اوقات الليل واوقات القائلة بالنهار واصدق الزمان وقت ادراك الثمرة وبيعها واضعف الرؤيا زمان الشتاء والمطر .
فصل اخر : وينبغي على المعبر ان يفهم كلام صاحب الرؤيا ويعرضها على الاصول فان كان كلاما صحيحا ويشبه بعضه ويدل على معان مستقيمة فهي صحيحة واذا كان يحمل على معان مختلفة نظر الى ما هو اولى بالفاظها واقرب الى الاصل فيحملها عليه اما اذا كانت مختلفة لا تلتئم على الاصول فهي اضغاث احلام وان اشتبه به الامر في ذلك ساله عن ضميره في صلاته ان كانت الرؤيا في صلاته او عن سفره ان كانت في سفره او عن نكاحه ان كانت في النكاح ثم يقضي عليه بالضمير فان دلت الرؤيا على فاحشة او قبيح اسره عليه وعبر عنه باحسن عبارة واسر ما تدل عليه الرؤيا .
فصل : واذا علم اصل الرؤيا جنسا وصنفا وطبعا فليكن حمل تعبيره على ذلك وتعويله عليه في التاويل فمثل الشجرة والسباع والطيور فالاغلب انها رجال وتنظر بعد ذلك في الصنف ان كانت الرؤيا نخلة كان عزيزا عربيا لا منابت النخيل في العرب وان كانت من الجوز كان رجلا عجميا لان منابت الجوز في بلاد العجم ، كذلك الطائر فان كان عظيما فهو رجل من العرب وان كان طاؤسا فهو من العجم ثم ينظر بعد ذلك في الطبع فان كانت نخلة فهو كثير الخير طيب الاصل اما اذا كان من الجوز فهو غشاش في المعاملة لاجل قعقعته ولا يوصل الى ما فيه الا بكسره والطائر رجل ذو اسفار  لطيرانه والطاؤس رجل ملك العجم ذو ذرية واتباع وكذا النسر والغراب رجل فاسق لا دين له كذلك العقيق .
وها عزيزي القارئ قد اكملنا اول فصل من فصول الكتاب فلننتقل الى الفصل الثاني .